-ممكن أولّع سيجارة يا حسن ولا لسه بتضايق من ريحة السجاير زي زمان؟
*انا هسمحلك يا محي انك تشرب السجارة وانا معاك لأني هراعي شعورك دلوقتي وانت في الحالة دي، عاوزك تهدا خالص وتحكيلي ايه اللي حصل الفترة الأخيرة من وقت سفري لحد رجوعي وصلك للحالة دي؟
اخد نفس عميق وبدأ يتكلم بتوتر:
– انا… انا مش كويس يا حسن، مراتي اتجننت تقريبًا، من وقت الحادثة اللي حصلت لإبننا الوحيد وهي مبقتش طبيعية، كل يوم بتقوم من النوم بتعيط زي الأطفال، بتبكي بشكل هيستيري مبقدرش أوقف عياطها ولما اسألها بتعيطي ليه بترد عليا بعصبية وبتصرخ في وشي وبترجع تنام مرة تانية، ولما بتصحى الصبح بتنسى كل حاجة حصلت بالليل.
– حادثة ايه؟ انت محكتليش عن الموضوع دا نهائي، وثانيًا ليه مرحتش بمراتك لدكتور نفسي يقدر يفهم هي مالها؟ ممكن تكون صدمة مش أكتر.
– لا لا لا مش صدمة كل دا بسبب… بسبب… لا لا مش هقدر أكمل.
– محي ممكن تهدى كدا وتقولي بسبب ايه؟!
– بص ياحسن انا هحكيلك على كل حاجة وانا متأكد اني أرتكبت غلطة مش هقدر اصلحها مهما حصل، يمكن انت الوحيد اللي هيسمع الكلام ده مني بس اوعدني انك هتصدقني.
– هصدقك بس إحكي
– مراتي كانت متعلقة جدًا بإبننا، زي ما انت عارف قعدنا سبع سنين مش بنخلف وربنا رزقنا بولد وسميته زياد، فات سنة من بعد الولادة وحصلت حادثة لغبطت كل شيء، كنت راجع بليل البيت بعد معاناة في الشغل ولما فتحت الباب شميت ريحة غاز في كل مكان في الشقة، اكتشفت وقتها ان انبوب الغاز بيسرب، مراتي كانت فاقدة الوعي تماما على الأرض وابني زياد مفهوش نبض نهائي، لما رحت المستشفى قدرت ألحق مراتي بس ابني كان مات، ومن وقتها وهي تصرفاتها مبقتش طبيعية، كل يوم في نص الليل بتقوم من جنبي على السرير وبتتحرك برا الأوضة بتغيب اكتر من ساعة وترجع مرة تانية، ولما مرة سألتها بتعملي ايه، ردت عليا بإنها كانت بتنيم زياد لأنه صحي وسمعت عياطه!
كل يوم على نفس الحال دا، قولت يومين وهتهدى بس للأسف الأمر ازداد صعوبة لدرجة انها في أوقات كتير بتبقى ماسكة دمية وبتلعب وبتتكلم معاها على اساس انها زياد، ولما صرخت فيها وواجهتها بالحقيقة كانت هتنتحر مكنش فيه قدامي أي حلول، بس فجأة في يوم وليلة ظهرلي شخص غريب في حياتي قابلته صدفة وانا بشتري طلبات للبيت وطلع شخص ظريف جدًا بس غامض، حكيت ليه كل حاجة مش عارف انا عملت كدا ازاي بس كان وقتها نفسي أتكلم مع حد، كان نفسي أخرّج كل اللي جوايا، اقترح عليا حل غريب ومريب جدا، قالي انه يعرف شخص يقدر يستحضر روح الميت بس بشرط يكون ميت في نفس المكان وروحه هتفضل حرة في المكان.
* وانت صدقت الكلام دا!
– في الحقيقة انا عملت كدا يا حسن، انا روحت برجليا للشخص اللي قالي عليه ولحُسن حظي وقتها ان جثة زياد معداش عليها عشر أيام كانت لسه في بداية التحلل وقدرت أجيب خصلات من شعره زي ماهو طلب مني بظبط.
في نفس الليلة اللي بدأ يحضّر فيها كل شيء قالي “روح البيت كل شيء إنتهى، ابنك موجود في البيت دلوقتي.”
عاوز أقولك انا مصدقتش كلامه لأن مفيش أي انبهار حصل، الراجل كان عادي جدًا أخد خصلات الشعر حطها في كوب اسود وقفل عليه وبس كدا مفيش صوت صريخ ولا هزة أرضية ولا حتى البخور بيزيد كان كل شيء طبيعي، عشان كدا وانا في الطريق للبيت بدأت أقول لنفسي اني غلطت لما روحت للشخص دا ودفعت فلوس كتير على الفاضي لإني متأكد ان مفيش حاجة هتحصل.
لكن فجأة جالي تليفون من مراتي وانا في الطريق لما رديت لقيتها بتقولي انها تعبت جدًا وزياد بيعيط ومش عارفة تسكته وبتطلب مني ارجع البيت بسرعة عشان أقعد معاهم، قولت ان كالعادة مراتي بتخرف، بس انا كنت سامع صوت عياط طفل في التليفون، ايوة انا سامع فعلًا صوت طفل انا مش بتخيل! لما وصلت البيت وفتحت الباب مراتي كانت واقفة في نص الشقة ماسكة الدمية بتلعب معاها، زي ما توقعت مفيش أي شيء حصل، انا كنت صح كل دا كان مجرد خزعبلات.
في نفس الليلة في نص الليل بدأت أسمع صوت بكاء طفل جاي من أوضة زياد! الصوت المرة دي بقى واضح جدًا، أول مرة مراتي متصحاش وتروح الأوضة في نص الليلة، لما اتحركت ناحية الأوضة وفتحتها اكتشفت ان الدمية هي اللي خارج منها صوت العياط، الدمية بتنزل دموع بس مبتتحركش نهائي! لا لا انا شكلي بتخيل رميت الدمية على الأرض في اللحظة دي حسيت بشيء بيتحرك بسرعة كبيرة في الأوضة، شايف أثر أقدام على جدران الأوضة، أثر أقدام طفل مبلولة، صوت بكاء جاي من تحت السرير، الدمية أختفت مش موجودة في الأوضة بس في صوت، في صوت عياط طفل جاي من تحت السرير، أخدت نفس عميق ونزلت تحت السرير مش شايف حاجة، مجرد ظلام بس لسه الصوت جاي من جوا.
بمد ايدي عشان أحس بشيء بيشدني بقوة شيء أقوى مني صوت ضحكات أطفال كتير في كل مكان، مبقتش قادر، وفجأة مشفتش غير ظلام دامس عشان أفتح عيني اكتشف إني في الأوضة نايم على سريري بس مراتي مش جنبي، مراتي كانت في اوضة زياد ماسكة الدمية بتلعب معاها.
الشخص اللي حضّر الروح كان صح، هي فعلا حضرت بس بشكل تاني، الروح شريرة لدرجة مرعبة، انا بقيت بخاف انام، مبقتش بعرف انام من صوت العياط المستمر وإلحاح مراتي اني أروح الأوضة أنيّم الطفل دا شيء تاني، بقيت بخاف اتحرك ناحية الأوضة، الأكل في البيت بيخلص بشكل غريب برغم ان مراتي مبتاكلش كتير، في حد تاني بياكل الأكل، حاجات كتير بتختفي وتتكسّر بشكل مريب والوضع بقى مرعب عشان كدا مبقتش مستحمل.
انت لما كلمتني من يومين وقولتلي انك نازل مصر بعد غياب 8 سنين مصدقتش ان صديق عمري رجع مرة تانية عشان كدا كلمتك يا حسن وحكيت ليك كل دا، كان نفسي اتكلم معاك من زمان.
– طب يا محي كل الكلام اللي قولتلهولي دا انا مصدقك فيه
صوت رنة تليفون محي قاطع كلامي، فتحه يرد عليه وبدأ يتكلم ثواني وقفل مرة تانية.
وبعدها قالي ان دي مراته بتكلمه عشان يرجع البيت في أسرع وقت ،
محي خرج بس نسي تليفونه قدامي على الترابيزة.
التليفون بيرن برقم متسجل ب”أمي”
رديت عليها كانت أم محي أستغربت اني رجعت مصر منغير ما اروح ليها، عاتبتني وبدأت تحكي لي على حال محي اللي أتغيّر تمامًا، قولتلها انه رجع البيت بس نسي تليفونه لأنه كان مستعجل ان مراته بتكلمه، سكتت لثواني عشان ترد عليا بصوت كله خوف وعياط:
– يا ابني محي مراته وابنه ماتوا في نفس اليوم من الغاز، ومن وقتها وهو على الحال دا، دايمًا فاكر انها موجودة ارجوك إنقذه من اللي هو فيه، انت الأمل الوحيد بعد فشل الدكاترة والمصحات النفسية.
الخط قطع، انا مش فاهم حاجة،
صوت خبط الباب قطع حبل تفكيري، فتحت كان محي واقف مرتبك ومتوتر وبيقولي – انا نسيت التليفون، زمان فرح مراتي هتزعل بسبب تأخيري دا.
انا مش قادر اعمل حاجة، مش عارف ايه اللي ممكن يحصل ليه لما يعرف ان مراته ماتت في نفس اليوم…
عبدالرحمن_محمد
اترك رد